التغيرات المناخية وتأثيرها

بقلم طارق سلطان
نائب رئيس مجلس الإدارة، أجيليتي

لم تشهد الذاكرة البشرية مسبقاً تعرض قطاعات السياحة والسفر والشحن والنقل والتجارة لصدمات شديدة نتيجة للظواهر المناخية القاسية والتغيرات الحادة بالطقس مثلما حدث في الأشهر الأخيرة.

فقد سبب الإرتفاع الشديد وغير المسبوق بدرجات الحرارة في الصين انقطاعاً في التيار الكهربائي أدى إلى اغلاق المصانع خلال الصيف الماضي، في سابقة أجبرت Apple و Foxconn و Toyota و Volkswagen و Tesla وغيرها على اتخاذ تدابير طارئة تضمنت تعليق عملياتها أو إلغاء الطلبات وخلافه.

كما شُلّت حركة نقل البضائع الألمانية بالبوارج النهرية بسبب انخفاض منسوب مياه نهر الراين نتيجة للجفاف الأسوأ الذي تعرضت له القارة الأوروبية منذ 500 عام. وفي الوقت ذاته وبشكل غير مسبوق في الولايات المتحدة، انخفضت مستويات المياه على طول نهر المسيسيبي وروافده إلى درجة لامست بوارج النقل قاع الأنهر مما أدى إلى توقفها أو تأخيرها، الأمر الذي حال دون تمكن المزارعين وغيرهم من تسويق السلع الزراعية والصناعية. كذلك، فإنه من المتوقع أن يؤدي جفاف الطقس وانعكاساته على الحد من كفاءة النقل وتعطيله إلى دفع صادرات القمح الأمريكية إلى أدنى مستوياتها منذ 50 عاماً.

علاوة على ذلك، دفعت الأحداث المتعاقبة نتيجة للمناخ الشديد القساوة إلى اتخاذ الهند لقرار حظر صادرات الأرز. كما أدى ذلك إلى تدمير جزء كبير من محصول الزيتون في إسبانيا. وبين عشية وضحاها، شرّدت الفيضانات المدمرة الأخيرة 7 ملايين شخص في باكستان و 1.4 مليون شخص في نيجيريا.

ووفقاً لبلومبيرغ: ”فإن تغير المناخ وما ينتج عنه من ظواهر جوية قاسية يجعلان من الصعب على سلاسل التوريد المتشابكة فيما بينها أن تواكب التغيرات التي تحدث بسبب تباطؤ الاقتصاد العالمي“.

ففي مرحلة ما بعد كوفيد، قد تعود سلاسل الامداد إلى التوازن نوعاً ما، لكن علينا أن لا نتوقع توقف الأحداث المناخية المدمرة. فقد كان الصيف الماضي ثاني أعلى فصول الصيف حرارة في النصف الشمالي من الكرة الأرضية تم تسجيلها. بينما ومنذ العام 1976، لم يعد العالم يشهد سنوات تتجاوز برودتها المعدلات المتوسطة، مقارنة بمتوسط البرودة خلال سنوات القرن العشرين.

تشير Axios إلى أن الهجرة المناخية قد بدأت بالفعل. وتقول أن عدداً من المصانع والمستشفيات وشركات الطيران والشركات الأخرى أصبحت تتطلع إلى إنشاء البنية التحتية وإدارة عملياتها الحيوية على أراض مرتفعة لتجنب الفيضانات والعواصف الساحلية.
وتتابع Axios قولها: ”تبحث الشركات الكبيرة والصغيرة على حد سواء، والتي لها تاريخ طويل في مكان تواجدها، عن عقارات جديدة لمقراتها تكون أقل عرضة لتغيرات الطقس والمناخ.“

وعلى حد قول بعض المشككين، الذين أصبحوا يحذرون بكل صراحة واكثر من أي وقت سابق من سياسة المناخ التي يعتبرونها التهديد الحقيقي، ”فإن أي شخص لا يزال يعتقد أن تغير المناخ يمثل تهديداً أكبر من سياسة المناخ على الاستقرار المالي يستحق النفي إلى أكثر المناطق عزلة في العالم.“

لقد بات الأمر جدياً للغاية، وغض النظر عنه سيكون ضرباً من التهور. وبالتالي فإن التصرف الحكيم يقودك إلى إجراء تحريات جادة عن شركتك لمعرفة تأثرها المحتمل بالتغيرات المناخية الشديدة. وإليك بعض الأسئلة التي يجب طرحها عندما تعقد العزم على ذلك:

 

1. هل ستحتاج إلى ”تقوية“ المباني والبنية التحتية؟

هل تحتاج إلى مقر جديد للعمليات الأساسية يكون مقاوماً ومحمياً من الفيضانات أو الرياح الشديدة أو العواصف الكارثية أو ارتفاع منسوب مياه البحر أو الحرائق الناجمة عن الجفاف؟

 

2. هل تعتمد بشكل كبير على الماء؟

هل تعتمد كثيراً على الطاقة الكهرومائية أو تعتمد على النقل النهري الداخلي؟ ما هي خططك الاحتياطية أو البديلة؟

 

3. هل درجات الحرارة المرتفعة للغاية تعرض الموظفين للخطر؟

كيف ستحتاط بغية الحفاظ عليهم وحمايتهم؟ وماذا عن المعدات والمواد الخام والمنتجات النهائية؟

 

4. ما مدى فهمك الحقيقي لسلسلة التوريد الخاصة بك؟

هل قمت بتصنيف الموردين إلى T1 و T2 و T3؟ وما هي مصادرهم ومن أين يحصلون على بياناتهم ومدخلاتهم؟ ما مدى قوة أو ضعف مصادرك ووسائل النقل الخاصة بشركتك؟ هل لديك خطط طواريء بديلة؟

 

5. هل لديك السيطرة على الضرائب التي تفرض على الإنبعاثات الكربونية؟

هل تعرف أين قد تواجه احتمالية فرض ضرائب أعلى بمجرد نقلك لنفس البضائع عبر نفس الحدود؟ أو أي من الأسواق الجديدة قد تفرض عليك ضرائب الكربون عندما تقوم بعمليات الشراء والبيع فيها؟

 

6. ماذا لو كان عليك أن تنتقل؟

هل يمكنك تحمل انتقال مواقع العمليات الرئيسية؟ هل تفكر في موقع جديد؟ هل يمكنك العثور على الموظفين المناسبين هناك؟ ما نوع الضرر الذي قد يلحق بالسمعة الذي قد تواجه شركتك إذا تركت أو قلصت بصمتك في مجتمع تتواجد فيه من زمن؟

 

7. ما هي خطتك البديلة في حالة قيام الموردين أو شركات النقل بإلغاء الاتفاقيات من خلال القوة القاهرة؟

ختاماً، هل أنت ملتزم بالتغيير؟ هل تعتبر نفسك متضامن بالمشاركة في معركة الحد من الانبعاثات والعمل من أجل عالم أكثر أماناً ونظافة واستدامة؟